ياسمين
اوصلتها الى باب الفيلاو عادت لاتمام عملها
سارت هبة ببطئ في حديقة
الفيلا و هي تمتع انظارها بجمال المشاهد الطبيعية الممتدة امامها للنباتات و الورود النادرة و التي تراها لأول مرة في حياتها اخذت نفسا عميقا وهي تستنشق الهواء النقي المحمل بعبير و شذى الزهور
انتفضت فجأة و هي تسمع صوت أحدهم يأمرها بالتوقف انت مين و بتعملي إيه هنا
طيب و بتعملي إيه هنا في الجنينة مش المفروض تروحي تشوفي شغلك
هبة بتوترلا انا مش بشتغل هنا انا كنت بزورها و مروحة عن اذنك
سارت هبة بخطوات راكضة باتجاه البوابة لتتفاجئ تدفعه دون جدوى حتى ظنت هبة للحظات انها ټصارع حائطا او جبلا
انهمرت دموعها بصوت و عقلها الصغير يصور لها عدة سيناريوهات مرعبة
قد يكون المدعو شاهين صاحب الفيلا او احد أصدقائه الذين لا طالما سمعت خالتها خديجة تتحدث عنهم او احد الحرس لا تعلم من بالضبط كل ماتعرفه انها على وشك الوقوع مغمى عليها بين و قد ينتهي بها الأمر مرمية في احد المستشفيات او الخرابات بعد الانتهاء منها
في الداخل وجدت كاميليا نفسها في غرفة كبيرة يغلب عليها طابع طفولي باللونين الأزرق و الأخضر و قد زينت صور شخصيات كرتونية الجدران و الأرضية التي امتلأت بعدة انواع مختلف من الألعاب
تحتوي على خزانة كبيرة و سرير صغير علي شكل سيارة زرقاء ابتسمت بانبهار عندما اصطدمت بعينين رماديتين تنظران إليها بتعجب
ظل فادي ينظر إلى كاميليا بتعجب و كأنها من كوكب آخر بملابسها الغريبة و نظاراتها الكبيرة التي تغطي اغلب وجهها اقترب منها ليجذبها بلطف و كأنه ينبهها الى وجوده
لتنحني كاميليا و تجلس على الأرض على ركبتيها حتى اصبحت طوله مدت يدها اليسرى لتصافحه و هي ترسم ابتسامة عريضة على شفتيها قائلة بمرحانا إسمي كاميليا بس تقدر تقلي كامي و
مد فادي كفه الصغير
ليصافحها بلطافة و هو يقول بصوته الطفولي تيتة قالتلي اناديلك 1
ابتسمت كاميليا و هي تمسك نفسها على القفز عليه و اكله من شدة جماله و لطافتهلتجيبه ماشي احنا نسمع كلام تيتة و ننفذ كل اللي بتقوله يلا بقى يا استاذ فادي قلي انت في العادة بتعمل إيه كل يوم الصبح
جلس فادي على سريره الصغير ثم جذب جهاز الايباد الخاص به ليرفعه أمامه قائلا ببراءة بلعب
افاقت على صوت الصغير و هو مندمج في شرح احد لعب الرسم الموجودة على جهازه باللغة الإنجليزية لتقف كاميليا من مكانها و تجلس بجانبه محاولة استيعاب مايتكلم عنه
في الخارج
رفعت هبة رأسها رويدا بعد تحررها من قبضة هذا المچنون المحتل
لتجد رجلا طويلا ضخم ينظر لها و قد ارتسمت على وجهه ابتسامة غامضةانشغلت بترتيب ملابسها و شعرها و هي تفكر من يكون هذا المچنون و كيف عرف
اسمها
تعالت ضحكات الرجل و هو يشاهد ارتباكهها الظاهر و حركة يديها العشوائية لتكز هبة على أسنانها پغضب و هي تقاوم رغبتها في الانقضاض عليه و اشباعه ضړبا على مافعله بها
همست من بين أنفاسها المتلاحقة و هي توجه له نظرات كارهة انت تعرفني منين
تقدم بخطواته تجاهها لتتراجع هي پذعر قبل أن يقفز بخفة أمامها و يمسكها برفق من ذراعها و هي يهتف باسف مبدئيا انا آسف علشان خوفتك منياهدي يا هبة انا مش حأذيكي انا اعرفك كويس و انت كمان بتعرفيني بس الظاهر انك نسيتيني
عقدت جبينها بتساؤل و دهشة من كلامه و صوته المألوف لها قبل أن تجيبه محاولة التماسك أمامه لا مش عارفاك و مش عاوزة اعرفك سيب ذراعي
لم تصدق لوهلة نظراته المتلهفة عليها و هو يقطع كلامها انا عمر الشناوى يا هبة ابن الدكتور خيري اللي كان فاتح عيادة زمان في حارتكم افتكرتيني
كتمت هبة شهقتها بيدها الاخرى بينما عيناها كانتا تحدقان فيه ببلاهة و هي تعيد اسمه بهمس غير مصدقة مش معقول عمر ايوا صح عمر ابن الدكتور انا ازاي معرفتش
ابتسم عمر قائلا بمرح اتغيرت صح
هبة و هي تجذب يدها ايوا اتغيرت جدادول سبع سنين اكيد حيغيروك
عمر و هو يرمقها بنظرات فاحصةبس انت متغيرتيش لسه زي ما انت انا اول ماشفتك عرفتك على طولحتى شعرك لسه قصير زي ماهو
هبة بتوتر و هي تمرر يديها على شعرها القصير ايوالسه
قصير زي زمانمقلتليش انت بتعمل إيه في قصر الأشباح داه
قهقه عمر بقوة و هو يهز رأسه بعدم تصديق قائلا دا انت مصېبة يا بنتي انا بقالي سنين بدور على الكلمة المناسبة اللي تليق على المكان داه و مش لاقي فهلا هو شبه قصر الاشباح المهم انا ياستي
ابن خالة صاحب الفيلا دي و شريكه كمان و انا جيت هنا علشان محتاج شوية ملفات سرية للشغل و انت بتعملي إيه هنا
هبة ما انا قلتلك خالتي بتشتغل هنا فجيت ازورها
عمر بتفكير بس انا مشفتكيش هنا قبل كده و كمان الست خديجة بقالها سنين شغالة هنا طيب ليه مجيتيش قبل كده هنا
هبة بتوتر ابدا اصلي مشغولة في الدراسة
عمر بتدرسي انا كنت فاكر انك سيبني
المدرسة من زمان علشان مكنتيش بتحبي الدراسة و كنتي بتسقطي زمان في ثانوي
شهقت هبة بضيق من لتهتف بحنق انا سقطت سنة واحدة عشان كانت عندي ظروف و بعلمك بقى انا بقيت في رابعة هندسة و كل سنة بنجح بتقدير كمان
عمر بابتسامة و هو يلاحظ انزعاجها طب كويس لو رايحة الجامعة تعالي اوصلك قبل ما اروح الشركة
هبة برفض و هي تستدير باتجاه البوابة لا طبعا انا خاخذ تاكسي يلا عن إذنك و فرصة سعيدة
جذبها عمر من يدها مشددا قبضته حتى يمنع افلاتها و جرها وراءه باتجاه سيارته قائلا بمرح طب اعتبريني تاكسي و خليني اوصلك و بالمرة نتكلم شوية على السبع سنين اللي عدوا بسرعة دول
هبة باصرارانت بتعمل ايه انا مستحيل اركب معاك ايه داه
فتح عمر باب السيارة و دفع هبة برفق الى الداخل ثم أغلق الباب بمفتاحه الإلكتروني حتى يمنع خروجها ثم استار الى الجهة الاخرى و استقل مقعد السائق الى جانبها نظر الى هبة التي كانت تحاول فتح باب السيارة بكل قوتها و هي تضغط على عده ازرار بعشوائية ليتفجر عمر من الضحك عليها قائلا يا بنتي اهدي مالك حتبوزي العربية
هبة بضيق يا سلام ما ټنفجر حتى بقلك ايه نزلني هنا لو سمحت
عمر بضحك طب بذمتك معقولة انزل بنت زي القمر زيك كده في وسط الشارع دي حتى عيبة في حقي
هبة بتوتر لو سمحت يا استاذ عمر انا مش
هبة بتاعة زمان لما كنا صغيرين ميصحش الكلام داه
عمر بخبث يعني لسه فاكره كنت بقولك ايه زمان طب الحمد لله وفرتي عليا يا بيبة
تمسكت هبة بحقيبتها كدلالة على توترها و هي تقول بخفوت على فكرة اللي كنت بتعمله زمان داه كان و انا وقتها كنت صغيرة و قاصر كان عمري ستاشر سنة و انت وقتها كنت كبير و دلوقتي انت خليتني اركب العربية ڠصب عني انت عاوز مني ايه انا ماصدقت كابوس زمان انتهى و فرحت جدا لما والدك قفل العيادة علشان انت بطلت تيجي هناك
عمر انا كنت بحبك على فكرة بس انت الغبية كل ما بتشوفيني بتبقي و كانك شفتي
هبة پغضب حب و كلام فارغ ايه انت فاكرني هبلة حصدق حدوثة الأمير اللي وقع في حب بنت فقيرة و تجوزها
عمر ايوا كان لازم تصدقيصح انت كنتي وقتها صغيرة و انا كنت طايش معرفتش اخليكي تقتنعي اني حبي ليكي كان صادق و لا كنت بضحك عليكي و بتسلى زي ما كنتي فاكرةعلى فكرة انا كنت مسافر لندن كملت دكتوراه في إدارة الأعمال و مسكت فرع شركتنا هناك بس رجعت من شهور قليلة و
كنت حرجع ادور عليكي بس مكنتش اتوقع الاقيكي قدامي بالسهولة دي
هبة پخوف مخفي و تدور عليا ليه انت عاوز مني ايه مش معقول حترجع تتنططلي في كل حتة زي زمان
عمر بمكرمش كده و بس دا انا حخليكي تشوفيني في كل حتة انت بتروحيها في الجامعة في الحارة في الشارع حنرجع ايام زمان يا بيبة
هبة بعصبية بقلك ايه بلاش كلام فارغ و نزلني هنا انت باين عليك فاضي و انا مش فايقالك
عمر برفض و هو يواصل قيادة السيارة مش حنزلك الا لما نوصل قدام الجامعةو كفاية عناد بقى انت كبرتي دلوقتي على حركات العيال دي
هبة انا عيلة طب لما انا كده بتتعامل
معايا ليه اساسا يا سي الكبير
عمر و هو يرمقها بنظرات غامضة بكرة تعرفيو دلوقتي هاتي رقم تليفونك بقى علشان اكلمك و قبل ما ترفضي فكري كويس لأحسن تلاقيني المساء قدام بيتكم في الحارة
بعد ساعة وصل عمر الى الشركة و على وجهه ابتسامة عريضة لم تفارقه منذ أن ودع هبة أمام جامعتهاتلك المشاغبة الصغيرة منذ أن وجدها صباحا أمامه في الحديقة و هو يشعر بسعادة غريبة تغزو قلبه
دخل الى مكتب شاهين ليعطيه الملفات التي جلبها له من مكتب الفيلا ليجد الاخر يعمل بتركيز على حاسوبه
جلس عمر مقابلا له ثم وضع الأوراق أمامه قائلا دول الملفات اللي انت طلبتهمانا سبت نسخة منهم في
الخزنة اللي هناك
شاهين طيب و ايه أخبار الفيلا ازاي فادي و ماما ثريا
عمر كويسين و المربية الجديدة جات النهاردة و بدأت شغل
استند شاهين بجسده على كرسيه الجلدي نافثا دخان سېجاره الكوبي الفاخر امامه و هو يقول ببطئ مربية جديدة حلوة
زفر عمر بضيق من طباع صديقه الذي لا تتغير قبل أن يجيبه معتقدش انها حتعجبك دي محجبة و لابسة نظارة تقريبا وشها مش باين
شاهين محجبة انا مجربتش النوع داه قبل كده الظاهر انه جا الوقت المناسب
عمر بلامبالاةاعمل اللي انت عاوزه بس دي محجبة يعني مش حتقبل
شاهين باستهزاء قدام الفلوس مفيش حد بيقول لاعموما اكيد ليها سكة دا لو عجبتني طبعا
عمر بضيق طيب في سهرة الليلة و الا نلغي
ضحك شاهين استمتاع قبل أن يردفلا نبغى ايه داه حتى المزاج عالي بس بقلك ايه عاوز واحدة نظيفة و عارفة شغلها كويس مش زي بتاعة المرة اللي فاتت مكملتش خمس دقايق
نظر له باشمئزاز قبل أن يجيبه داه ايه القرف داه اي أوامر ثانية
شاهين بنفيتؤ كلملي ايهم عاوزه يجيني ظروري دلوقتي
مر اليوم بسلام و تأقلمت كاميليا بسهولة في عملها حيث وجدت ان فادي طفل هادئ و مطيع بدرجة كبيرة كما أن استأنست بوجود خديجة التي اهتمت بها جيدا و علمتها كيف تتعامل مع الجميع في الفيلا
انا هبة فقد امضت بقية اليوم و هي شاردة و كأنها في عالم آخر فصورة عمر لم تفارقها خيالها حتى انها اضطرت لمغادرة الجامعة باكرا قبل إنهاء جميع محاضرتها
ليلا
يجلس ايهم في صالون شقته و هيئته المبعثرة تدل على أنه قد خرج للتو من معركة حامية بقميصه المفتوح و خصلات شعره المبعثرة بعشوائية
نظر پغضب الى أثاث الشقة التي تحول في دقائق إلى ركام من الخردة جراء نوبة الجنون الذي تمكنت منه منذ رجوعه من مكتب شاهين
مسح على وجهه عدة مرات بحركة عصبية و هو يتذكر وقوفه امام شاهين منذ ساعات و هو يأنبه كطفل لك يقم بواجبه المدرسي
شاهينانت عارف اني انا مليش أصحاب و لا ناس اثق فيهم غيرة انت و عمر علشان كده مش عاوزك تزعل مني لما انصحك او انبهك لحاجة انت قاعد بتغلط فيهاانت ازاي تجيب خطيبتك لسهرة امبارح مش قالك
الف مرة متجيبهاش انت ايه عاوز تغلط نفسي غلطتي
و على فكرة هي اذكي منك بمراحل علشان من قعدة واحدة اكتشفت حقيقة كل واحد من الموجودين انت ازاي منتبهتش على نظرات فريد اللي كان حياكلها بعينيهانت عاوز خطيبتك تبقى زي ميرهان و البنات اللي بنجيبهم للفيلا عندنا انت عارف احنا جايبينهم ليه علشان نتسلى بيهم عاوزنا نتسلى ببنت عمك و اللي حتبقى مراتك طيب على الأقل سيبها الأول متبقاش انت في النص
انا عارف انك مستهتر و زي ما بيقولوا بس مكنتش فاكرك للدرجة دي
صړخ ايهم بشراسة و هو يحرك رأسه يمينا و يسارا يحاول انتزاع كلمات شاهين من رأسههل كان غبيا و أعمى لهذه الدرجة هل كان يظن ان بقية الرجال مثله لن ينظروا الى امرأة صديقهم كما يفعل هو هل كان يظن انه قادر على حماية خطيبته من نظراتهم الخبيثة عندما تكون معه و منعهم من النظر إليها لقد كانت ترتدي ملابس محتشمة فماذا لو ارتدت ذلك الفستان الذي احضره لها
ذلك الحقېر فريد يقسم انه سيلقنه درسا لن ينساه بعد أن تجرأ على النظر الى شيئ يخصه
الى ليليا
صدمة فريد بيه
358500
الفصل السابع الجزء الأول
بعد اسبوع
تجلس ليليان في
مكتبها تترشف قهوتها الصباحية بهدوء وضعت يدها على رأسها تتحسس حجابها و هي تبتسم بفرح منذ أن ارتدته و هي تشعر بأحاسيس جميلة تغزو قلبهامزيج من الطمأنينة و السکينة و السلام الداخلي خاصة مع تجاهل ايهم لها منذ تلك السهرة لم تشعر بمثل هذه الراحة و السعادة منذ أن دخلت بيت عمها يا إلهي ما أجمل حياتها بدونه قطع شرودها دخول أمنية
أمنية بتذمر و هي تجلس على الكرسي بتعبالحقني يا ليلي حموت من التعب اه ياني على ميلة بختك يا أمنية انا ايه اللي خلاني اتنيل ادخل كلية طب كان مالها الهندسة و الا ادارة اعمال بس
ضحكت ليليان برقة قبل أن تجيبهاايه مالك
يا بنتي حصل إيه لكل داه
أمنية و